يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ لاَ
يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٠٥) }.
عن قتادة: قوله: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ﴾ هو كقوله: ﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا﴾. وقال ابن زيد في قوله: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ﴾ تأتي بشيء وتنقضه فتأتي بغيره، قال: وهذا التبديل ناسخ، ولا تبدّل آية مكان آية إلا بنسخ.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ﴾. قال محمد بن كعب القرظي: ﴿رُوحُ الْقُدُسِ﴾ جبرائيل. وقال ابن إسحاق: كان رسول الله - ﷺ - فيما بلغني - كثيرًا ما يجلس عند المروة إلى غلام نصراني، يقال له: جبر، عبد لبعض بني الحضرمي، فأنزل الله: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ﴾.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾.
قال ابن كثير: يخبر تعالى أنه لا يهدي من أعرض عن ذكره، وتغافل عما أنزله على رسول الله - ﷺ -، ولم يكن له قصد إلى الإيمان بما جاء من عند الله، فهذا الجنس من الناس لا يهديهم الله إلى الإيمان بآياته، وما أرسل به
رسله في الدنيا ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ موجع في الآخرة، ثم أخبر تعالى أن رسوله - ﷺ - ليس بمفترٍ ولا كذاب، لأنه إنما يفتري الكذب على الله وعلى رسوله شرار الخلق، الذين لا يؤمنون بآيات الله من الكفرة والملحدين، المعروفين بالكذب عند الناس، والرسول محمد - ﷺ - كان أصدق الناس، وأبرّهم، وأكملهم علمًا وعملاً وإيمانًا


الصفحة التالية
Icon