حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣) إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٢٤) }.
عن قتادة: قوله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ﴾، قال: كان إمام هدى مطيع تتبع سنته وملّته. وعن مسروق قال: قرأت عند عبد الله هذه الآية: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ﴾ فقال: كان معاذ أمة قانتًا، قال: هل تدري ما الأمة؟ الأمة: الذي يعلّم الناس الخير، والقانت: الذي يطيع الله ورسوله.
وقال ابن جرير في قوله: ﴿حَنِيفاً﴾، يقول: مستقيمًا على دين الإسلام ﴿وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ وقال مجاهد: كان إبراهيم أمة، أي: مؤمنًا وحده والناس كلهم إذ ذاك كفار. وعن مجاهد: ﴿وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً﴾، قال: لسان صدق.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.
قال البغوي: وقال أهل الأصول: كان - ﷺ - مأمورًا بشريعة إلا ما نسخ في شريعته، وما لم ينسخ صار شرعًا.
وقال ابن زيد في قوله: ﴿إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ﴾، قال: كانوا يطلبون يوم الجمعة فأخطؤوه وأخذوا يوم السبت فحقّ عليهم. وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله - ﷺ - قال: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي عرض عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبعٌ: اليهود غدًا، والنصارى بعد غد».