قال قتادة في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ﴾ : الآيتين أولئك أعداء الله اليهود والنصارى، آمنت اليهود
بالتوراة وموسى، وكفروا بالإنجيل وعيسى، وآمنت النصارى بالإنجيل وعيسى، وكفروا بالقرآن وبمحمد - ﷺ -، فاتخذوا اليهودية والنصرانية وهما بدعتان ليستا من لله، وتركوا الإسلام وهو دين الله الذي بعث به رسله.
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ﴾ كلهم. وهم: المؤمنون، ﴿وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾، أي: غفورًا لذنوبهم، رحيمًا بهم.
قوله عز وجل: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً (١٥٣) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً (١٥٤) ﴾.
عن محمد بن كعب القرظي قال: جاء أناس من اليهود إلى رسول الله - ﷺ - فقالوا: إن موسى جاء بالألواح من عند الله فآتنا بالألواح من عند الله حتى نصدقك، فأنزل الله: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ﴾ إلى قوله: ﴿عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً﴾.
قال البغوي: وكان هذا السؤال منهم سؤال تحكم واقتراح، لا سؤال انقياد، والله تعالى لا ينزل آيات على اقتراح للعبادة.