قال ابن جرير: معنى الكلام: هل تنقمون منا إلا إيماننا بالله وفسقكم؟
وقوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللهِ مَن لَّعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ﴾، عن السدي: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللهِ﴾، يقول: ثوابًا عند الله.
قال البغوي: قل يا محمد: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ﴾ أخبركم، ﴿بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ﴾ الذي ذكرتم، يعني قولهم: لم نر أهل دين أقلّ حظًا في الدنيا والآخرة منكم، ولا دينًا شرًا من دينكم، فذكر الجواب بلفظ الابتداء، وإن لم يكن الابتداء شرًا، لقوله: ﴿أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ﴾ النار، ﴿مَثُوبَةً﴾ ثوابًا وجزاء، ﴿عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ﴾، أي: هو: ﴿مَن لَّعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ﴾، يعني: اليهود، ﴿وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ﴾ فالقردة: أصحاب السبت، والخنازير: كفار مائدة عيسى عليه السلام، ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾، أي: جعل منهم عبد الطاغوت، أي: أطاع الشيطان فيما سوّل له، ﴿أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ﴾.
قال ابن جرير: قل لهم يا محمد: هؤلاء المؤمنون بالله وبكتبه الذين تستهزئون منهم، أَشَرٌ أم مَنْ لعنه الله؟
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَآؤُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ﴾، هذه الآية كقوله تعالى: ﴿وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon