إبراهيم - حين ظهرت الحجّة
عليهم بقولهم: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ﴾ - ﴿قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ ؟.
قوله عز وجل: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠) ﴾.
قال ابن إسحاق: أجمع نمرود وقومه في إبراهيم، ﴿فقَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ﴾، أي: لا تنصروها منه إلاَّ بالتحريق بالنار إن كنتم ناصريها. وعن السدي قال: قالوا: ابنوا له بنيانًا فألقوه في الجحيم، فحبسوه في بيت وجمعوا له حطبًا، حتى إن كان الطير لتمر بها فتحترق من شدّة وهجها فعمدوا إليه فرفعوه على رأس البنيان، فرفع إبراهيم - ﷺ - رأسه إلى السماء وقال: اللهم أنت الواحد في السماء، وأنا الواحد في الأرض، ليس في الأرض أحد يعبدك غيري، حسبي الله ونعم الوكيل. فقذفوه في النار فقال: ﴿يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾. قال أبو العالية: السلام لا يؤذيه بردها، ولولا أنه قال: ﴿وَسَلَاماً﴾ لكان البرد أشدّ عليه من الحر. وقال كعب الأحبار: ما أحرقت النار من إبراهيم إلاَّ وثاقه. وعن أبي هريرة قال: إن أحسن شيء قاله أبو إبراهيم لما رفع عنه
الطبق وهو في النار، وجده ترشح جبينه فقال عند ذلك: نعم الرب ربك يا إبراهيم.
قال ابن يسار: فقال نمرود لإبراهيم: إني مقرّب إلى إلهك قربانًا، لِمَا رأيت من قدرته وعزته فيما صنع بك، حيث أبيت إلاَّ عبادته وتوحيده، إني مقرّب له أربعة آلاف بقرة. فقال له إبراهيم: إذًا لا يقبلها منك ما كنت على دينك حتى


الصفحة التالية
Icon