يعني: بل جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين، فلذلك أنكروا.
﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ﴾ محمدًا - ﷺ -، ﴿فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ﴾، قال ابن عباس: أليس قد عرفوا محمدًا - ﷺ - صغيرًا وكبيرًا، وعرفوا نسبه وصدقه وأمانته ووفائه بالعهود؟ وهذا على سبيل التوبيخ لهم على الإعراض عنه، بعدما عرفوه بالصدق والأمانة.
﴿أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ﴾ ؟ جنون، وليس كذلك ﴿بَلْ جَاءهُم بِالْحَقِّ﴾ يعني: بالصدق والقول الذي لا تخفى صحته وحسنه على عاقل ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ﴾، قال مجاهد وغيره: الحق: هو الله. قال ابن كثير: والمراد: لو أجابهم الله إلى ما في أنفسهم من الهوى، وشرع الأمور على وفق ذلك: ﴿لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ﴾، أي: لفساد أهوائهم واختلافها، كما أخبر عنهم في قولهم: ﴿َوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ ثم قال: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ﴾، وقال تعالى: ﴿قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً﴾.
وقوله تعالى: ﴿بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ﴾ قال ابن عباس: أي: بما فيه فخرهم وشرفهم. يعني: القرآن، ﴿فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ... الرَّازِقِينَ﴾، كقوله تعالى: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾.


الصفحة التالية
Icon