يتزوّجها من شدة غيرته، فقال سعد: والله يا رسول الله إني لأعلم أنها لحق وأنها من الله، ولكني قد تعجّبت، إني لوجدت لكاعًا قد تفخّذها رجل لم يكن لي أن أهيّجه ولا أحرّكه حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله إني لا آتي بهم حتى يقضي حاجته!
قال: فما لبثوا إلاَّ يسيرًا حتى جاء هلال بن أمية، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فجاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلاً، فرأى بعينه وسمع بأذنيه فلم يهيّجه حتى أصبح، فغدا على رسول الله - ﷺ - فقال: يا رسول الله إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلاً فرأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول الله - ﷺ - ما جاء به واشتدّ عليه واجتمعت الأنصار وقالوا: قد ابتُلينا بما قال سعد بن عبادة، الآن يضرب رسول الله - ﷺ - هلال بن أمية ويبطل شهادته في الناس، فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجًا، وقال هلال: يا رسول الله فإني قد أرى ما اشتدّ عليك مما جئت به، والله يعلم إني لصادق، فوالله إن رسول الله - ﷺ - يريد أن يأمر بضربه إذ أنزل
الله على رسوله - ﷺ - الوحي، وكان إذا أنزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربّد وجهه. يعني: فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي فنزلت: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ الآية، فَسُرِّيَ عن رسول الله - ﷺ - فقال: «أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجًا ومخرجًا». فقال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي عز وجل، فقال رسول الله - ﷺ -: «أرسلوا إليها». فأرسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله - ﷺ - عليهما، فذكّرهما وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشدّ من عذاب الدنيا، فقال هلال: والله يا رسول الله لقد صدقت عليهما فقالت: كذب، فقال رسول الله - ﷺ -: «لاعِنُوا بينهما» فقيل لهلال: اشهد، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كان الخامسة قيل له: «يا هلال اتّق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجِبة التي توجب عليك العذاب». فقال: والله لا يعذّبني الله