قال ابن عباس: لما عيّر المشركون رسول الله - ﷺ - وقالوا: ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟ أنزل الله عز وجل هذه الآية، أي: ما كنت بدعًا من الرسل، وهم كانوا بشرًا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق.
﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾، قال ابن عباس: أي: جعلت بعضكم بلاء لبعض، لتصبروا على ما تسمعون منهم وترون من خلافهم وتتبعوا الهدى.
قال ابن كثير: ﴿وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً﴾، أي: بمن يستحقّ أن يوحى إليه، كما قال تعالى: ﴿اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾، وقوله تعالى:
﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ﴾ أي: فتخبرنا أن محمدًا صادق، ﴿أَوْ نَرَى رَبَّنَا﴾ فيخبرنا بذلك ﴿لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ﴾ عند الموت ويوم القيامة، ﴿لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً﴾. قال ابن كثير: أي: وتقول الملائكة للكافرين: حرام محرّم عليكم الفلاح اليوم.
وقوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً﴾، أي: باطلاً لا ثواب له، كما قال تعالى: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ﴾. وعن ابن عباس قوله: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً﴾، يقول: قالوا في الغرف في الجنة، وكان حسابهم أن عُرضوا على ربهم عرضة واحدة، وذلك الحساب اليسير، وهو مثل قوله: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾.


الصفحة التالية
Icon