وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً (٧٥) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً (٧٦) }.
قال ابن جرير في قوله: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾، لا يشهدون شيئًا من الباطل، لا شركًا ولا غناء ولا كذبًا ولا غيره، قال: واللغو في كلام العرب هو كل كلام أو فعل باطل لا حقيقة له، أو ما يُستقبح. وقال ابن كثير: أي: لا يحضرون الزور، وإذا اتفق مرورهم به مرّوا ولم يتدنّسوا منه بشيء، ولهذا قال: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً﴾، قال البغوي: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا﴾ لم يقعوا ولم يسقطوا عليها، ﴿صُمّاً وَعُمْيَاناً﴾ كأنهم صمّ عمي، بل يسمعون ما يذكرون به فيفهمونه ويرون الحق فيه فيتبعونه؛ قال القتيبي: لم يتغافلوا عنها كأنهم صمّ لم يسمعوها وعمي لم يروها.
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾، عن ابن عباس قوله: ﴿هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾، يعنون: من يعمل لك بالطاعة فَتُقِرُّ بِهِمْ أعينًا في الدنيا والآخرة، ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً﴾، يقول: أئمة يُقتدى بنا. وقال مجاهد: أئمة نقتدي بمن قبلنا، ونكون أئمة لمن بعدنا.
وقوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ﴾، أي: الدرجة العالية. وهي: الفردوس أعلا الجنة، ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ على أمر الله تعالى طاعته، ﴿وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً﴾ كما قال تعالى: {وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ