منه بريء لا أعبده، ﴿إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ للصواب من القول والعمل ويسددني للرشاد، ﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ﴾، يقول: والذي يغذوني بالطعام والشراب ويرزقني الأرزاق. ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾، يقول: وإذا سقم جسمي واعتلّ فهو يبرئه ويعافيه، ﴿وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ﴾، يقول: والذي يمتني إذا شاء ثم يحييني إذا أراد بعد مماتي. ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾، فربّي هذا الذي بيده نفعي وضرّي، وله هذه القدرة والسلطان، وله الدنيا والآخرة، لا الذي لا يسمع إذا دعي ولا ينفع ولا يضر. انتهى.
﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً﴾، قال ابن عباس: معرفة حدود الله وأحكامه ﴿وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ قال ابن كثير: أي: اجعلني مع الصالحين في الدنيا والآخرة، كما قال النبي - ﷺ - عند الاحتضار: «اللهم في الرفيق الأعلى».
وعن عكرمة قوله: ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾. وقوله: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا﴾، قال: إن الله فضله بالخلّة حين اتخذه خليلاً، فسأل الله فقال: ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾، حتى لا تكذّبني الأمم، فأعطاه الله ذلك، فإن اليهود آمنت بموسى، وكفرت بعيسى، وإن
النصارى آمنت بعيسى وكفرت بمحمد عليهم الصلاة والسلام، وكلّهم يتولّى إبراهيم. قالت اليهود: وهو خليل الله وهو منا، فقطع الله ولايتهم منه بعد ما أقرّوا له بالنبوة وآمنوا به فقال: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ ثم ألحق ولايته بكم فقال: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فهذا خيره الذي عجّل له، وهي