يقول تعالى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ﴾، أي: قرّبت وأدليت، ﴿لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ﴾، أي: أظهرت، ﴿لِلْغَاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ﴾ ؟ قال ابن كثير: أي: ليست الآلهة التي عبدتموها من دون الله من تلك الأصنام والأنداد تغني عنكم اليوم شيئًا، ولا تدفع عن أنفسها، فإنكم وإياها اليوم حصب جهنم أنتهم لها واردون.
وقوله تعالى: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ﴾ قال الزجاج: طرح بعضهم على بعض ﴿قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، أي: نعدلكم به فنعبدكم معه، ﴿وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ﴾، قال الكلبي: إلا أوّلونا الذين
اقتدينا بهم، ﴿فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾، أي: قريب. قال قتادة: يعلمون والله أن الصديق إذا كان صالحًا نفع، وأن الحميم إذا كان صالحًا نفع. وعن جابر بن عبد الله قال: سمعنا رسول الله - ﷺ - يقول: «إن الرجل ليقولن في الجنة: ما فعل صديقي فلان؟ وصديقه في الجحيم، فيقول الله تعالى: أخرجوا له صديقه إلى الجنة، فيقول من بقي: ﴿فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾. رواه البغوي. ﴿فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً﴾، أي: رجعة إلى الدنيا، ﴿فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ لأنهم يشفعون وتنفعهم الشفاعة، وأما الكفار فلا تنفعهم شفاعة الشافعين.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ﴾ قال ابن كثير: أي: أن في محاجّة إبراهيم لقومه وإقامة الحجج عليهم في التوحيد، لآية واضحة جليلة على أنه لا إله إلا الله، ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾. قال البغوي: ﴿الْعَزِيزُ﴾ : الذي لا يُغْلَبُ، فالله عزيز وهو في وصف عزّته رحيم.


الصفحة التالية
Icon