قال ابن زيد: نزل سليمان بواد فسأل الإِنس عن مائِهِ فقالوا: ما نعلم له ماء، فإن يكن أحد من جنودك يعلم له ماء فالجنّ، فدعا الجنّ فسألهم فقالوا: ما نعلم له ماء، وإن يكن أحد من جنودك يعلم له ماء فالطير، فدعا الطير فسألهم فقالوا: ما نعلم له ماء، وإن يكن أحد من جنودك يعلمه فالهدهد، فلم يجده، قال: فذاك أوّل ما فقد الهدهد.
وعن مجاهد: ﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً﴾، قال: نتف ريشه كله، ﴿أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾، قال وهب بن منبه: أي: بحجّة. عذر له في غيبته، ﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ ثم جاء الهدهد، فقال له سليمان: ما خلّفك؟ فقال أحطت بما لم تحط به. قال البغوي: يقول: علمت ما لم
تعلم، وجئتك من سبأ بنبأ يقين. قال ابن كثير: أي: بخبر صدق حق يقين وسبأ هم حِمْيَر. وهم: ملوك اليمن.
﴿إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ﴾، قال الحسن: هي بلقيس بنت شراحيل ملكة سبأ، ﴿وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾، يعني: من كل أمر الدنيا ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾، قال ابن عباس: سرير كريم. قال: حسن الصنعة. قال ابن كثير: سرير تجلس عليه عظيم هائل، مزخرف بالذهب وأنواع الجواهر واللآلئ.
﴿وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ﴾، أي: طريق الحق فهم لا يهتدون، ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ﴾، قال ابن عباس: يعلم كل خبيئة في السماء والأرض.
قال ابن جرير: قوله: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾، يقول تعالى ذكره: الله الذي لا تصلح العبادة إلا له، لا إله إلا هو لا معبود سواه تصلح له العبادة، فأخلصوا له العبادة وأفردوه بالطاعة، ولا تشركوا به شيئًا، {رَبُّ الْعَرْشِ