وقوله تعالى: ﴿لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾، قال مجاهد: لدين الله. وقال البخاري قوله: ﴿لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ دين الله خلق الأولين دين الأولين، الدين والفطرة الإسلام. ثم ذكر حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله
- ﷺ -: «ما من مولود يولد إلاَّ على الفطرة، فأبواه يهوّدانه، أو ينصّرانه، أو يمجّسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسّون فيها من جدعاء؟ - ثم يقول -: ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ ».
قال البغوي: فمن حمل الفطرة على الدين قال: معناه لا تبديل لدين الله، وهو خبر بمعنى النهي، أي: لا تبدلوا دين الله. قال مجاهد، وإبراهيم: معنى الآية: الزموا فطرة الله. أي: دين الله، واتبعوه ولا تبدلوا التوحيد بالشرك ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ المستقيم ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، يقول تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ﴾ أنت يا محمد ومن اتبعك، ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾، أي: راجعين إليه، ﴿وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ بل كونوا من الموحدين المصلّين الطائعين. قال ابن جرير: ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، يقول: ولا تكونوا من أهل الشرك بالله، بتضييعكم فرائضه، وركوبكم معاصيه، وخلافكم الدين الذي دعاكم إليه.
وقوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً﴾، يقول: ولا تكونوا من المشركين الذين بدّلوا دينهم وخالفوه، ﴿وَكَانُوا شِيَعاً﴾، يقول: وكانوا أحزابًا فِرقًا كاليهود، والنصارى.
وقوله: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾، يقول: كل طائفة وفرقة من هؤلاء الذين فارقوا دينهم الحق، فأحدثوا البدع التي أحدثوا، ﴿بِمَا
لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾،