النبت والزرع مصفرًا بعد الخضرة، ﴿لَّظَلُّوا﴾ لصاروا، ﴿مِن بَعْدِهِ﴾، أي: من بعد اصفرار الزرع، ﴿يَكْفُرُونَ﴾، يجحدون ما سلف من النعمة. وعن قتادة قوله: ﴿فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ هذا مثل ضربه الله للكافر، فكما لا يسمع الميت الدعاء كذلك لا يسمع الكافر، ﴿وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ﴾، يقول: لو أن أصمّ ولّى مدبرّا ثم ناديته لم يسمع، كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع. وقال في جامع البيان: الأصمّ المقبل ربما يفطن من الكلام بمعونة مشاهدة القرائن شيئًا منه، بخلاف المدبر.... ﴿وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ﴾، والكافر كمن لا عين له يضلّ الطريق، وليس بوسع أحد أن ينزع عنه العمى ويجعله بصيرًا، ﴿إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا﴾ ما ينفع الإسماع إلا لمن علم الله أنه يصدّق بآياته وما طبع على قلبه ﴿فَهُم مُّسْلِمُونَ﴾ منقادون لما تأمرهم.
قوله عز وجل: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (٥٤) ﴾.
قال البغوي: قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ﴾، قرئ: بضم الضاد، وفتحها. فالضم لغة: قريش. والفتح لغة: تميم. قال ابن حجر في (فتح الباري) : فالجمهور: بالضم. وقرأ عاصم، وحمزة: بالفتح. وقال الخليل: الضعف بالضم ما كان في الجسد، والفتح ما كان في العقل. وعن قتادة قوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ﴾، أي: من نطفة، ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً﴾ : الشمط، ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾، قال البغوي: من الضعف، والقوة،