وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً (١٥) }.
عن مجاهد: ﴿خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾، قال: بجدّ. وقال ابن زيد: القوة أن يحمل ما أمره الله به، ويجانب فيه ما نهاه الله. قال ابن جبير وقوله:... ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً﴾، يقول تعالى ذكره: وأعطيناه الفهم بكتاب الله في حال صباه قبل بلوغه أسنان الرجال.
وقوله: ﴿وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا﴾، يقول تعالى ذكره: ورحمة منا به ومحبة له آتيناه الحكم صبيّاً. وعن ابن عباس قوله: ﴿وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا﴾، يقول: ورحمة من عندنا. وقال الضحاك: رحمة من عندنا لا يملك عطاءها أحد غيرنا. وعن مجاهد قوله: ﴿وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا﴾، قال: تعطّفًا من ربه عليه. وعن قتادة قوله: ﴿وَزَكَاةً﴾، قال: الزكاة: العمل الصالح. وعن
ابن عباس: ﴿وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً﴾، قال: طُهَّرَ فلم يعمل بذنب. وقال ابن عطية: أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد فيرى نفسه في محشر عظيم؛ قال: فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا فخصّه بالسلام عليه فقال: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً﴾. وقال الحسن: إن عيسى ويحيى التقيا، فقال له عيسى: استغفر لي أنت خير مني، فقال له الآخر: استغفر لي أنت خير مني، فقال له عيسى: أنت خير مني، سلّمتُ على نفسي وسلم الله عليك، فعرف والله فضلهما.
قال ابن كثير: وقوله: ﴿وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً﴾، لما ذكر تعالى طاعته لربه، وأنه خلقه ذا رحمة وزكاة، وتقى عطف بذكر طاعته لوالديه وبره بهما، ومجانبته عقوقهما قولاً وفعلاً، أمرًا ونعيًا، ولهذا قال: ﴿وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً﴾، ثم قال بعد هذه الأوصاف الجميلة جزاء له على ذلك: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً﴾.
* * *