نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (٩) }.
عن قتادة قوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ في اليوم السابع، ﴿مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ﴾.
قال ابن كثير: أي: بل هو المالك لأزمة الأمور، الخالق لكلِّ شيء، المدبّر لكلّ شيء، القادر على كلّ شيء، فلا وليّ لخلقه سواه، ولا شفيع إلا من بعد إذنه ﴿أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ﴾، يعني: أيها العابدون غيره المتوكّلون على من عداه، تعالى وتقدس وتنزّه أن يكون له: نظير، أو شريك، أو وزير، أو نديد، أو عديل. لا إله إلا هو ولا ربَّ سواه.
وقوله تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ﴾، قال مجاهد: يعني بذلك: نزول الأمر من السماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد، وذلك مقداره ألف سنة لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام.
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾، قال مجاهد: أتقن كل شيء خلقه. وقال ابن عباس: أتقنه وأحكمه. وعن قتادة: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ﴾ وهو
خلق آدم، ﴿ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ﴾ والسلالة هي: الماء المهين الضعيف، قال مجاهد: نطفة الرجل.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ﴾.
قال البغوي: ثم سوّى خلقه ﴿وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ﴾. ثم عاد إلى ذرّيتّه فقال: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ﴾ بعد أن كنتم نطفًا ﴿السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ﴾، يعني: لا تشكرون رب هذه النعم فتوحّدونه.


الصفحة التالية
Icon