يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً (٣٣) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ... لَهُ كُن فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (٣٦) }.
عن قتادة: ﴿لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً﴾، قال: عظيمًا، ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً﴾، قال: كانت من
أهل بيت يُعرفون بالصلاح ولا يُعرفون بالفساد، قال: وكان من بني إسرائيل رجل صالح يسمى هارون، فشبّهوها به، يعني: في الصلاح. وعن المغيرة بن شعبة قال: بعثني رسول الله - ﷺ - إلى أهل نجران فقالوا لي: ألستم تقرءون ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ﴾ ؟ قلت: بلى، وقد علمتم ما كان بين عيسى، وموسى، فرجعت إلى رسول الله - ﷺ - فأخبرته فقال: «ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمّون بأنبيائهم والصالحين قبلهم». رواه مسلم وغيره.
وعن وهب بن منبه: ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ﴾، يقول: أشارت إليه أن كلّموه، ﴿قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً﴾، فأجابهم عيسى عنها فقال لهم: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً﴾ الآية. وقال عكرمة: ﴿آتَانِيَ الْكِتَابَ﴾ قضى أن يؤتيني الكتاب. وعن مجاهد: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ﴾، قال: مقامًا. وقال سفيان: معلمًا للغير. وقال قتادة: ذكر لنا أنه كان يقول: سلوني فإن قلبي لين، وإني صغير في نفسي، مما أعطاه الله من التواضع. وقال بعض السلف: لا تجد عاقّاً إلاَّ وجدته جبارًا شقيًا، ولا تجد سيّئ الملكة إلا وجدته مختالاً فخورًا.
وعن قتادة قوله: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ امترت اليهود والنصارى، فأما اليهود فزعموا أنه ساحر كذاب، وأما النصارى فزعموا أنه ابن الله، وثالث وثلاثة، وإله، وكذبوا كلهم، ولكنه عبد الله ورسوله، وكلمته وروحه.