الْحَكِيمُ (٢٧) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٨) }.
عن قتادة: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾، قال: قد قال ذلك أصحاب محمد للمشركين، والله ما أنا وأنتم على أمر واحد، إن أحد الفريقين لمهتد. وقال البغوي: قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ ؟ فالرزق من السماوات المطر، ومن الأرض النبات، ﴿قل الله﴾، أي: إن لم يقولوا: رازقنا الله، فقل أنت: إن رازقكم هو الله، ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ ليس هذا على طريق الشك ولكن على جهة
الإنصاف في الحجاج، كما يقول القائل للآخر: أحدنا كاذب، وهو يعلم أنه صادق، وصاحبه كاذب.
وعن قتادة: ﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا يوم القيامة ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا﴾، أي: يقضي بيننا. وعن ابن عباس قوله: ﴿وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ﴾، يقول: القاضي ﴿قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاء﴾.
قال البغوي: أي: أعلموني الذين ألحقتموهم به، أي: بالله، شركاء في العبادة معه هل يخلقون؟ وهل يرزقون؟ ﴿كَلا﴾ لا يخلقون ولا يرزقون، بَلْ هُوَ اللَّهُ ﴿الْعَزِيزُ﴾ الغالب على أمره، ﴿الْحَكِيمُ﴾ في تدبيره لخلقه؛ فأنى يكون له شريك في ملكه؟ وعن قتادة قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾، قال: أرسل الله محمدًا إلى العرب، والعجم، فأكرمُهم على الله أطوعُهم له. ذُكِر لنا أن نبي الله - ﷺ - قال: «أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وبلال سابق الحبشة، وسلمان سابق فارس».


الصفحة التالية
Icon