الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ (٤١) فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلَا ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ (٤٢) }.
قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: ويوم نحشر هؤلاء الكفار بالله جميعًا ثم نقول للملائكة: أهؤلاء كانوا يعبدونكم من دوننا؟ فتتبرأ منهم الملائكة، قالوا سبحانك ربنا تنزيهًا لك وتبرئة مما أضاف إليك هؤلاء من الشركاء والأنداد، ﴿أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ﴾ لا نتخذ وليًّا دونك، ﴿بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾. قال البغوي: فإن قيل: هم كانوا يعبدون الملائكة فكيف وجه قوله: ﴿يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾، قيل: أراد أن الشياطين زيّنوا لهم عبادة الملائكة، فهم كانوا يطيعون الشياطين في عبادة الملائكة؛ فقوله: ﴿يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾ أي: يطيعون الجن، ﴿أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾، يعني: مصدقون للشياطين.
ثم يقول الله: ﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً﴾ بالشفاعة،... ﴿وَلَا ضَرّاً﴾ بالعذاب، يريد أنهم عاجزون لا نفع عندهم ولا ضرّ. وقال ابن كثير: أي: لا يقع لكم نفع مما كنتم ترجون نفعه من الأنداد، والأوثان التي ادخرتم عبادتها لشدائدكم وكربكم اليوم، لا يملكون لكم نفعًا ولا
ضرًا، ﴿وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ وهم المشركون، ﴿ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾، أي: يقال لهم ذلك تقريعًا وتوبيخًا.
* * *