جرير وغيره عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - ﷺ -: «أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، لكن ناسًا - أو كما قال - تصيبهم النار بذنوبهم - أو قال: بخطاياهم - فيميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحمًا أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثّوا على أهل الجنة فقال: يا أهل الجنة: أفيضوا عليهم، فيَنبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل». فقال رجل من القوم: حينئذٍ كأنّ رسول الله - ﷺ - قد كان بالبادية.
قوله تعالى: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ﴾، أي: يصيحون فيها يقولون:... ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ فيقول الله لهم توبيخًا: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ﴾، قال ابن عباس: العمر الذي أعذر الله إلى ابن آدم أربعون سنة. قال مسروق: إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخذ حذره من الله. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: «أَعْذَرَ الله عز وجل إلى امرئ أخّر عمره حتى بلغ ستّين سنة». رواه البخاري وغيره، وقال قتادة: اعلموا أن طول العمر حجّة، فنعوذ بالله أن نعيِّر بطول العمر، قد نزلت هذه الآية: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ﴾ وإنّ فيهم لابن ثماني
عشرة سنة. وقال ابن زيد في قوله: ﴿وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ﴾، قال: النذير: النبيّ، وقرأ: ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى﴾.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: ﴿فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ﴾، أي: ذوقوا عذاب النار جزاء على مخالفتكم للأنبياء في مدّة أعماركم، فما لكم اليوم ناصر ينقذكم.
* * *


الصفحة التالية
Icon