وعن قتادة: ﴿فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ﴾، أي: القبور. ﴿إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ﴾، يقول: يخرجون، ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا﴾، قال: هذا قول أهل الضلالة والرقدة ما بين النفختين، ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾، قال: أهل الهدى، ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾. قال البغوي: وقال أهل المعاني: إن الكفار إذا عاينوا جهنم وأنواع عذابها، صار عذاب القبر في جنبها كالنوم، فقالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا.
وقوله تعالى: ﴿إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾، يعني: النفخة الأخيرة ﴿فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ * فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ (٥٦) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ (٥٧) سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (٥٨) ﴾.
عن ابن عباس: ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ﴾، قال: افتضاض الأبكار، ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ﴾، قال: هي السُّرُر في الحِجال، ﴿لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ﴾، قال
البغوي: يتمنون ويشتهون. ﴿سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾، أي: يسلم الله عليهم ﴿قَوْلاً﴾، أي: يقول الله لهم قولاً. ثم روى بسنده عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: «بينا أهل الجنة في نعيمهم، إذ سطع لهم نور، فرفعوا رؤوسهم، فإذا الربّ تبارك وتعالى قد أشرف عليهم من فوقهم فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، فذلك قوله: ﴿سَلامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه، حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم».


الصفحة التالية
Icon