وقوله تعالى: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾، قال ابن كثير: أي: هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجًا ومخرجًا، ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ﴾، أي: الاختبار الواضح الجليّ حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك.
وقوله تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾، قال مجاهد: سمّاه عظيمًا لأنه متقبَّل. قال ابن عباس: الكبش الذي ذبحه إبراهيم هو الذي قرّبه ابن آدم. وقال ابن زيد في قوله: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ﴾، قال: سأل إبراهيم فقال: ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾، قال: فترك الله عليه الثناء الحسن في الآخِرين، كما ترك اللسان السوء على فرعون وأشباهه، كذلك ترك اللسان الصدق والثناء الصالح على هؤلاء.
﴿سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ * وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾. قال ابن كثير: لما تقدّمت البشارة بالذبيح وهو: إسماعيل. عطف بذكر البشارة بأخيه إسحاق، وقد ذكرت في سورتي هود، والحجر. وقوله تعالى: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾، كقوله تعالى: ﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.