يبطئ بالتوبة من ذلك الإِسراف والذنب الذي عمله، وقد ذكر الله في سورة آل عمران أن المؤمنين حين سألوا الله المغفرة فقالوا: ﴿ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا﴾، فينبغي أن يعلم أنهم قد كانوا يصيبون الإسراف فأمرهم بالتوبة من إسرافهم.
وعن القرظيّ أنه قال في هذه الآية: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ﴾، قال: هي للناس أجمعين. وعن قتادة: قوله: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ﴾، أي: أقبلوا إلى ربكم. وقال ابن زيد: الإنابة: الرجوع إلى الطاعة والنزوع عما كانوا عليه، ألا تراه يقول:... ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ﴾، وعن السدي: ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم﴾، يقول: ما أُمرتم به في الكتاب، ﴿مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ﴾، قال: تركت من أمر الله، ﴿وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾، يقول: من المستهزئين. قال قتادة: فلم يكفه أن ضيّع طاعة الله حتى جعل يسخر بأهل طاعة الله، هذا قول صنف منهم: ﴿أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ هذا قول صنف آخر: ﴿أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً﴾، رجعة إلى الدنيا، ﴿فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾، قال:
هذا صنف آخر؛ يقول الله ردًّا لقولهم: ﴿بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾.
وقال ابن زيد في قوله: ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ﴾، قال: بأعمالهم، والآخرون يحملون أوزارهم يوم القيامة ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ﴾.
قوله عز وجل: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ