قوله عز وجل: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا (١) قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (٣) وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (٤) مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً (٥) فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً (٨) ﴾.
عن ابن عباس: قوله: ﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّماً﴾، يقول: أنزل الكتاب عدلاً قيماً، ﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا﴾. وقال قتادة: معناه:... ﴿أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا﴾ ولكن جعله ﴿قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً﴾. قال بن إسحاق: عاجل عقوبة في الدنيا، وعذابًا في الآخرة ﴿مِن لَّدُنْهُ﴾. أي: من عند ربك الذي بعثك رسولاً.
﴿وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً﴾ أي: في دار خلد لا يموتون فيه، الذين صدقوك بما جئت به عن الله وعملوا بما أمرتهم، ﴿وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً﴾، يعني: قريشاً في قولهم: إنما نعبد الملائكة وهن بنات الله. ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾ قولهم: إن الملائكة بنات الله ﴿إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً﴾.
وعن قتادة: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ﴾ قاتلُ نفسك، ﴿عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً﴾، قال: حزناً عليهم. قال ابن إسحاق: يعاتبه على حزنه عليهم، حين فاته ما كان يرجو منهم، أي: لا تفعل.


الصفحة التالية
Icon