ابن كثير: ينكر تعالى على المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله، ويخبر أنه هو الولي الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده، فإنه هو القادر على إحياء الموتى وهو على كل شيء قدير، ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾، أي: مهما اختلفتم فيه من الأمور ﴿فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾، أي: هو الحاكم فيه.
وعن ابن عباس: قوله: ﴿جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ﴾، يقول: يجعل لكم فيه معيشة تعيشون بها. وعن مجاهد في قوله: ﴿يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ﴾، قال: نسل بعد نسل من الناس والأنعام. وقال ابن كثير: أي: يخلقكم فيه، أي: في ذلك الخلق على هذه الصفة، لا يزال يذرؤكم فيه، ذكوًرا وإناثًا، خلقًا من بعد خلق، وجيلاً بعد جيل، ونسلاً بعد نسل، من الناس والأنعام. ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، أي: كخالق الأزواج كلها شيء، لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له، ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.
وعن السدي: ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ قال: خزائن السموات والأرض ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾. قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: فإلى من له مقاليد
السموات والأرض، الذي صفته ما وصفت لكم في هذه الآيات أيها الناس فارغبوا، وإياه فاعبدوا مخلصين له الدين لا الأوثان والآلهة والأصنام التي لا تملك ضرًا ولا نفعًا.
قوله عز وجل: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ


الصفحة التالية
Icon