فليفعل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإن الخير ينسخ الشر، والشر ينسخ الخير، وإن ملاك الأعمال خواتيمها. وعن مجاهد: ﴿فَلَا تَهِنُوا﴾، قال: لا تضعفوا، ﴿وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ﴾، قال قتادة: لا تكونوا أول الطائفتين صرعت لصاحبتها ودعتها إلى الموادعة، ﴿وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ أولى بالله منهم ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾. قال ابن كثير: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾، أي: في حال علوكم على عدوكم، فأما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ورأى الإمام في المهادنة والمصالحة مصلحة فله أن يفعل ذلك كما فعل رسول الله - ﷺ - حين صده كفار قريش عن مكة. وعن ابن عباس قوله: ﴿وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾، يقول: لن يظلمكم أجور أعمالكم. وقال مجاهد: لن ينقصكم.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ أي: هذا حاصلها. ﴿وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا﴾ أن تتركوا المعاصي وتفعلوا الطاعات ﴿يُؤْتِكُمْ
أُجُورَكُمْ﴾ في الآخرة، ﴿وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ﴾ بمسألة جميعها ﴿تَبْخَلُوا﴾ بها فلا تعطوها ﴿وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾ قال قتادة: قد علم الله أن في مسألة المال خروج الأضغان. وقال ابن زيد في قوله: ﴿هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء﴾، قال: ليس بالله - تعالى ذكره - إليكم حاجة، وأنتم أحوج إليه. وعن قتادة: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ﴾، قال: إن تولوا عن طاعة الله. وعن أبي هريرة أن رسول الله - ﷺ - تلا هذه الآية: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾، قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ فضرب على فخذ سلمان قال: