وَأَهْلُونَا}، قال: أعراب المدينة كجهينة ومزينة استتبعهم لخروجه إلى مكة، قالوا: نذهب معه إلى قوم قد جاءوه فقتلوا أصحابه فنقاتلهم، فاعتلوا بالشغل. وعن قتادة قوله ﴿سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ﴾ إلى قوله: ﴿وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً﴾ قال: ظنوا نبي الله - ﷺ - وأصحابه أنهم لن يرجعوا من وجههم ذلك، وأنهم سيهلكون فذاك الذي خلفهم عن نبي الله - ﷺ - ﴿وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً﴾ قال: فاسدين. وقال ابن زيد: البور: الذي ليس فيه من الخير شيء. وعن مجاهد قال: رجع - يعني:
رسول الله - ﷺ - عن مكة، فوعده الله مغانم كثيرة، فعجل له خيبر فقال المخلفون: ﴿ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾ وهي: المغانم ﴿لِتَأْخُذُوهَا﴾ التي قال الله جل ثناؤه: ﴿إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا﴾ وعرض عليهم قتال قوم أولي بأس شديد. وعن مقسم قال: لما وعدهم الله أن يفتح عليهم خيبر، وكان الله قد وعدها من شهد الحديبية، لم يعط أحدًا غيرهم منها شيئًا، فلما علم المنافقون أنها الغنيمة قالوا: ﴿ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾ يقول: ما وعدهم. وعن قتادة ﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ﴾ الآية، وهم الذين تخلفوا عن رسول الله - ﷺ - زمن الحديبية؛ ذكر لنا أن المشركين لما صدوا رسول الله - ﷺ - زمن الحديبية عن المسجد الحرام والهدي، قال المقداد: (إنا والله لا نقول كالملأ من بني إسرائيل إذ قالوا لنبيهم: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فلما سمع ذلك أصحاب نبي الله - ﷺ - تبايعوا على ما قال، فلما رأى ذلك نبي - ﷺ - صالح قريشًا ورجع من عامه ذلك). وعن قتادة: قوله: ﴿كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ﴾، أي: إنما جعلت الغنيمة لأهل الجهاد، وإنما كانت غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية، ليس لغيرهم فيها نصيب.
وقوله تعالى: {قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ