رجلاً يقال له: ابن زنيم اطلع على الثنية من الحديبية، فرماه المشركون بسهم فقتلوه، فبعث رسول الله - ﷺ - خيلاً فأتوه باثني عشر من الكفار فقال لهم: «هل لكم علي عهد؟ هل لكم علي ذمة؟» قالوا: لا، فأرسلهم وأنزل الله تعالى في ذلك: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم﴾ الاية.
قوله: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً﴾ قال قتادة: محبوسًا ﴿أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ قال: وأقبل نبي الله - ﷺ - وأصحابه معتمرين في ذي القعدة ومعهم الهدي، حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون فصالحهم نبي الله - ﷺ - على أن يرجع من عامه ذلك ثم يرجع من العالم المقبل فيكون بمكة ثلاث ليال، ولا يدخلها إلا
بسلاح الراكب، ولا يخرج بأحد من أهلها. فنحروا الهدي وحلقوا وقصروا.
﴿وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ﴾ حتى بلغ: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ هذا حين رد محمد - ﷺ - وأصحابه أن يدخلوا مكة، فكان بها رجال مؤمنون ونساء مؤمنات، فكره الله أن يؤذوا ويوطئوا بغير علم. قال البغوي: ﴿وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ﴾، يعني: المستضعفين بمكة ﴿لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ﴾ لم تعرفوهم ﴿أَن تَطَؤُوهُمْ﴾ بالقتل وتوقعوا بهم، ﴿فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾، قال ابن زيد: معرة، يعني: إثم. وقال ابن إسحاق: عزم الدية، وقيل: الكفارة، لأن الله أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب - إذا لم يعلم إيمانه - الكفارة دون الدية، فقال: ﴿فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ﴾، وقيل: هو أن المشركين