ما ضل عن طريق الهدى ﴿وَمَا غَوَى﴾، قال ابن كثير: والغاوي: هو العالم بالحق العادل عنه إلى غيره، وعن قتادة: قوله:... ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ أي: ما ينطق عن هواه ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾، قال: يوحي الله تبارك وتعالى إلى جبريل، ويوحي جبريل إلى محمد - ﷺ -. ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾، يعني: جبريل، ﴿ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى﴾ ذو خلق طويل حسن، ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى﴾ الأفق: الذي يأتي منه النهار. وعن الربيع: ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى﴾، قال: السماء ﴿الْأَعْلَى﴾، يعني: جبريل عليه السلام. وعن قتادة: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾، يعني: جبريل، ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ﴾، قال مجاهد: قيد أو قدر قوسين. وعن ابن مسعود في هذه الآية: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ قال: قال رسول الله - ﷺ -: «رأيت جبريل له ستمائة جناح». وعن مسروق قال: قلت لعائشة: ما قوله: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ ؟ فقالت: (إنما ذلك جبريل، كان يأتيه في صورة الرجال، وإنه أتاه هذه المرة في صورته فسد أفق السماء).
وقال ابن زيد في قوله: ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾، قال: أوحى جبريل إلى رسول الله - ﷺ - ما أوحى الله إليه. وعن قتادة في قوله: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾، قال: رأى جبريل في صورته، وهو
الذي رآه نزلة أخرى. وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - ﷺ -:... «رأيت جبريل عند سدرة المنتهى له ستمائة جناح».
وقال البغوي: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ قرأ أبو جعفر: ما كذَّب أي: ما كذب قلب محمد - ﷺ - ما رأى بعينه تلك الليلة، بل صدقه وحققه، وقرأ الآخرون


الصفحة التالية
Icon