وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (٥٥) }.
قال الحسين بن فضل: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ﴾، في الدنيا ونار في الآخرة، ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾، قال ابن عباس: إني أجد في كتاب الله قومًا يسحبون في النار على وجوههم، يقال لهم: ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾، لأنهم كانوا يكذبون بالقدر. وعن أبي هريرة أن قريشًا خاصمت النبي - ﷺ - في القدر، فأنزل الله: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾، قال ابن عباس: يريد أن قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر. وقال ابن زيد في قوله: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾، قال: أشياعكم من أهل الكفر من الأمم الماضية، يقول: فهل من أحد يتذكّر وكلّ شيء فعلوه في الزبر؟ قال ابن كثير: أي: مكتوب عليهم في الكتب التي بأيدي الملائكة عليهم السلام ﴿وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ﴾ أي: من أعمالهم، ﴿مُسْتَطَرٌ﴾ أي: مجموع عليهم ومسطر في صحائفهم. ذكر أن رجلاً عمل ذنبًا فاستصغره، فأتاه آت في منامه فقال له:
لا تحقرنّ من الذنوب صغيرا | إن الصغير غدًا يعود كبيرا |
إن الصغير ولو تقادم عهده | عند الإله مسطّر تسطيرا |
فازجر هواك عن البطالة لا تكن | صعب القياد وشمّرن تشميرا |
إن المحبّ إذا أحبّ إلهه | طار الفؤاد وأُلهم التفكيرا |
فاسأل هدايتك الإِله بنيّة | فكفى بربك هاديًا ونصيرا |