الذين تركوا الإِيمان بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام.
وقوله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ فيه إشارة إلى أن الله تعالى يليّن القلوب بعد قسوتها برحمته كما يحيي الأرض بعد جدبها ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ﴾ أي: المتصدّقين والمتصدّقات ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ بالصدقة والنفقة في سبيل الله عز وجل ﴿يُضَاعَفُ لَهُمْ﴾ ذلك القرض ﴿وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ ثواب حسن وهو الجنة ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ﴾ قال مجاهد: كلّ من آمن بالله
ورسله فهو صدّيق، وتلا هذه الآية. وعن ابن عباس في قوله:... ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ﴾، قال: هذه مفصولة. قال ابن كثير: وقوله تعالى: ﴿وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ﴾ أي: في جنات النعيم، كما جاء في الصحيحين: «إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع عليهم ربك إطّلاعه فقال: ماذا تريدون؟ فقالوا: نحبّ أن تردّنا إلى الدار الدنيا فنقاتل فيك فنُقتَل كما قُتلنا أوّل مرّة، فقال: إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون».
وقوله تعالى: ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾، أي: لهم عند الله أجر جزيل ونور عظيم، ﴿يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ وهم في ذلك يتفاوتون بحسب ما كانوا في الدار الدنيا من الأعمال.
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ لما ذكر السعداء ومآلهم، عطف بذكر الأشقياء وبيّن حالهم. والله المستعان.
* * *