أنفسهم وأموالهم. وعن قتادة في قوله: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ﴾ قال: إن المنافق يحلف له يوم القيامة كما حلف لأوليائه في الدنيا ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ
الْكَاذِبُونَ * اسْتَحْوَذَ﴾
، قال البغوي: غلب واستولى ﴿عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ﴾، الأسفلين، ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾، قال الزجاج: غلبة الرسل على نوعين: من بُعث منهم بالحرب فهو غالب في الحرب، ومن لم يؤمر بالحرب فهو غالب بالحجّة.
وقوله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾، قال ابن كثير: أي: لا يوادّون المحادّين ولو كانوا من الأقربين. وقال في جامع البيان: ﴿لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، يعني: لا يجتمع الإِيمان ومحبّة أعداء الله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ﴾، الذين لم يوادّوهم، ﴿كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ﴾، أثبته فيها ﴿وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ﴾. قال ابن جرير: يقول: وقوّاهم ببرهان منه، ونور وهدى، ﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾، قال ابن جرير: رضي الله عنهم بطاعتهم إياه في الدنيا، ﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾، في الآخرة بإدخاله إياهم الجنة، ﴿أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ﴾ يقول: أولئك الذين هذه صفتهم جند الله وأولياؤه ﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
* * *


الصفحة التالية
Icon