أحد إلا له فيها حقّ، ثم قال: لئن عشت ليأتينّ الراعي وهو يسير حمره نصيبه لم يعرق فيها جبينه).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ﴾، وهم الأنصار توطّنوا المدينة وآمنوا قبل قدوم المهاجرين
عليهم، ﴿وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً﴾، أي: حزازة وغيظًا وحسدًا، ﴿مِّمَّا أُوتُوا﴾، أي: مما أعطى المهاجرون دونهم من الفيء، ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. وعن أنس بن مالك عن رسول الله - ﷺ - قال: «بريء من الشح من أدّى الزكاة، وقرى الضيف، وأعطى في النائبة». رواه ابن جرير. وعن أبي هريرة: (أن رجلاً من الأنصار بات به ضيف فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه، فقال لامرأته: نوّمي الصبية وأطفئي المصباح، وقرّبي للضيف ما عندك. قال: فنزلت هذه الآية).
وعن قتادة: قال: ثم ذكر الله الطائفة الثالثة فقال: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا﴾، حتى بلغ: ﴿إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾، إنما أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبيّ - ﷺ -، ولم يؤمروا بسبّهم. قال ابن كثير: وما أحسن ما استنبط الإِمام مالك رحمه الله من هذه الآية الكريمة: أن الرافضيّ الذي يسبّ الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب.