بالنصيحة ﴿وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ﴾، أخطأ طريق الهدى ﴿إِن يَثْقَفُوكُمْ﴾ يظفروا بكم، ﴿يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾ بالضرب والقتل ﴿وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ﴾ بالشتم ﴿وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾، كما كفروا، يقول: لا تناصحوهم فإنهم لا يناصحونكم ولا يوادّونكم. ﴿لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ﴾، الذين عصيتم الله لأجلهم، ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ﴾، فيدخل أهل طاعته الجنة، وأهل معصيته النار، ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾، من أهل الإِيمان، ﴿إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ﴾ من المشركين، ﴿إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ﴾، جحدنا وأنكرنا دينكم، ﴿وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾، يأمر حاطبًا والمؤمنين بالإقتداء بإبراهيم عليه الصلاة والسلام، والذين معه من
المؤمنين في التبرّؤ من المشركين، ﴿إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ يعني: لكم أسوة حسنة في إبراهيم وأموره إلا في استغفاره لأبيه المشرك، فإن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان قد قال لأبيه: لأستغفرنّ لك، ثم تبرأ منه، ﴿وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾، يقول إبراهيم لأبيه: ما أغني عنك ولا أدفع عنك عذاب الله إن عصيته وأشركت به، ﴿رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا﴾ يقوله إبراهيم ومن معه من المؤمنين: ﴿وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا﴾، قال الزجاج: لا تظهرهم علينا فيظنّوا أنهم على الحقّ فيفتتنوا. وقال مجاهد: لا تعذّبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولون: لو كان هؤلاء على الحقّ ما أصابهم ذلك، ﴿وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ﴾، أي: في إبراهيم ومن معه، ﴿أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾، هذا بدل من قوله: ﴿لَكُمْ﴾، وبيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله ويخاف عذاب الآخرة، ﴿وَمَن يَتَوَلَّ﴾، يُعرض عن الإِيمان ويوالي الكفار، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ عن خلقه، ﴿الْحَمِيدُ﴾ إلى أوليائه وأهل طاعته. أ. هـ. ملخصًا.