فقال: «لا، بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدًا». وفي رواية: فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ لعائشة وحفصة.... ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً﴾ لقوله: «بل شربت... عسلاً». رواه البخاري.
وقال ابن زيد في قوله: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً﴾ قوله لها: «لا تذكريه». ﴿فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ﴾ وكان كريمًا - ﷺ - ﴿فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا﴾ ؟ ولم تشكّ أن صاحبتها أخبرت عنها، ﴿قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾. وعن ابن عباس قوله: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ يقول: زاغت قلوبكما، يقول: قد أثمت قلوبكما وعن قتادة: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ أي: مالت قلوبكما. قال في جامع البيان: أي: إن تتوبا فقد حقّ لكما ذلك، فإنه قد عدلت عن الحقّ قلوبكما وصدر منكما ما يوجب التوبة. ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ﴾ بما
يسوءه ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ولم أزل حريصًا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبيّ - ﷺ - اللتين قال الله تعالى: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ حتى يحجّ عمر وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإِداوة، فتبرّز ثم أتاني فسكبت على يديه فتوضّأ، فقلت: يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي - ﷺ - اللتان قال الله تعالى: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ ؟ فقال عمر: واعجبًا لك يا ابن عباس - قال الزهريّ كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه، قال: - هي عائشة وحفصة. قال: ثم أخذ يسوق الحديث، قال: كنا معشر قرش قومًا تغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قومًا تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم، قال: وكان منزلي في دار