فيقول: تعالوا اقرؤوا كتابيه. وقال ابن كثير: يخبر تعالى عن سعادة من يؤتى كتابه يوم القيامة بيمينه وفرحه بذلك، وأنه من شدّة فرحه يقول لكلّ من لقيه: ﴿هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ﴾، أي: خذوا اقرؤوا كتابي، لأنه يعلم أن الذي فيه خير؛ قال: ومعنى: ﴿هَاؤُمُ﴾ هاكم. وعن قتادة: ﴿إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ﴾ ظنّ ظنًّا يقينًا فنفعه الله بظنّه، ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾. قال قتادة: دنت فلا يردّ أيديهم عنها بُعْدٌ ولا شوك. وروى الطبراني عن سلمان قال: قال رسول الله - ﷺ -: «لا يدخل أحد الجنة إلا بجواز: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله لفلان بن فلان، أدخلوه جنّة عالية قطوفها دانية».
وقوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾، قال قتادة: إن أيامكم هذه أيام خالية تؤدّي إلى أيام باقية، فاعملوا في هذه الأيام وقدّموا فيها خيرًا إن استطعتم، ولا قوّة إلا بالله». وفي الصحيح عن النبيّ - ﷺ - أنه قال: «اعملوا وسدّدوا وقاربوا، واعلموا أن أحدًا منكم لن يدخله عمله الجنّة». قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ ! قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمّدني الله برحمة منه وفضل».
﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ﴾، قال ابن السائب: تلوى يده اليسرى خلف ظهره ثم يعطى كتابه ﴿فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ﴾، قال البغوي: يقول: يا ليت الموتة التي متّها في الدنيا ﴿كَانَتِ الْقَاضِيَةَ﴾ الفارغة من كلّ ما بعدها، والقاطعة للحياة، فلم أَحْيَ بعدها. قال قتادة: يتمنّى الموت، ولم يكن شيء في الدنيا عنده أكره من الموت. ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ﴾ قال ابن زيد: سلطان الدنيا. وعن مجاهد قوله: {هَلَكَ عَنِّي