رَهَقاً} أي: إثمًا، وازدادت الجن عليهم بذلك جراءة.
﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً﴾ بعد موته. وقال الكلبىّ. ظن كفّار الجنّ كما ظنّ كفرة الإنس: أن لا يبعث الله رسولاً. ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً﴾، قال سعيد بن جبير: (كانت الجن تستمع، فلما رجموا قالوا: إن هذا الذي حدث في السماء لشيء حدث في الأرض. قال: فذهبوا يطلبون حتى رأوا النبي - ﷺ - خارجاً من سوق عكاظ يصلّي بأصحابه الفجر، فذهبوا إلى قومهم منذرين). وقال ابن زيد في قوله: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً﴾ حتى بلغ: ﴿فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً﴾ فلما وجدوا ذلك رجعوا إلى إبليس فقالوا: منع منا السمع، فقال لهم: بأن السماء لم تحرس قط إلا على أحد أمرين: إما لعذاب يريد الله أن ينزله على أهل الأرض بغتة، وإما نبي مرشد مصلح. قال: فذلك قول الله: ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً﴾.
﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً﴾ قال ابن عباس: أهواء شتى، منا المسلم ومنا المشرك. وقال قتادة: أهواء مختلفة.
﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً﴾، قال البغوي: ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا﴾ علمنا وأيقنا ﴿أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ﴾، أي: لن نفوته إن أراد بنا أمرًا ﴿وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً﴾ إن طلبنا. ﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً﴾ قال ابن عباس: لا يخاف نقصًا من حسناته، ولا زيادة في سيئاته.... ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾، قال: العادلون عن الحق الذين جعلوا لله ندًا. ﴿فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً﴾، قال البغوي: أي: قصدوا طريق الحق وتوخوه، ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ﴾ الذين كفروا ﴿فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً﴾ كانوا وقود النار يوم القيامة.