مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} فإن الله افترض القيام في أول هذه السورة، فقام نبيّ الله - ﷺ - وأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء، ثم أنزل التخفيف في آخرها فصار قيام الليل تطوّعًا بعد فريضة. ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ فهما فريضتان واجبتان لا رخصة لأحد فيهما فأدّوهما إلى الله تعالى ذكره.
﴿وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً﴾، قال ابن زيد: القرض النوافل سوى الزكاة ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً﴾، قال البغوي: تجدوا ثوابه في الآخرة أفضل مما أعطيتم ﴿وَأَعْظَمَ أَجْراً﴾ من الذي أخذتم ولم تقدّموه. ثم ساق بسنده عن الحارث بن سويد قال:
قال عبد الله: قال رسول الله - ﷺ -: «أيّكم ماله أحبّ إليه من مال وارثه» ؟ قالوا: يا رسول الله ما منّا أحد إلا ماله أحبّ إليه من مال وارثه، قال: «اعلموا ما تقولون». قالوا: ما نعلم إلا ذلك يا رسول الله، قال: «ما منكم من رجل إلا مال وارثه أحبّ إليه من ماله»، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: «إنما مال أحدكم ما قدّم، ومال وارثه ما أخّر».
وقوله تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ﴾، أي: لذنوبكم، ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. وفي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله - ﷺ - قال: «ينزل الله تبارك وتعالى في كلّ ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فاغفر له» ؟. وروى أحمد وغيره عن أبي هريرة قلنا: يا رسول الله إذا رأيناك رقّت قلوبنا وكنا من أهل الآخرة، وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد، فقال: «لو أنكم تكونون على كلّ


الصفحة التالية
Icon