ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامهم؟ فغضب الوليد فقال: ألم تعلم قريش أني من أكثرهم مالاً وولدًا؟ وهل يشبع محمد وأصحابه من الطعام، فيكون لهم فضل؟
ثم قام مع أبي جهل حتى أتى مجلس قومه فقال لهم: تزعمون أن محمداً مجنون، فهل رأيتموه يخنق قط؟ قالوا: اللهم لا، قال: تزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه قط تكهن؟ قالوا: اللهم لا، قال: تزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه ينطق بشعر قط؟ قالوا: اللهم لا، قال: تزعمون أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئًا من الكذب؟ قالوا: لا - وكان رسول الله - ﷺ - يسمى الأمين قبل النبوة من صدقه - قالت قريش للوليد: فما هو؟ فتفكر في نفسه ثم نظر ثم عبس فقال: ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه؟ فهو ساحر، وما يقوله سحر يؤثر. فذلك قوله عز وجل: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ﴾ في محمد والقرآن ﴿وَقَدَّرَ﴾ في نفسه ماذا يمكنه أن يقول في محمد والقرآن: ﴿فَقُتِلَ﴾ لعن. وقال الزهري: عذب، ﴿كَيْفَ قَدَّرَ﴾ على طريق التعجب والإنكار والتوبيخ، ﴿ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ كرره للتأكيد، ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ في طلب ما يدفع من القرآن ويرده، ﴿ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ﴾ كلح وقطب وجهه فنظر بكراهية شديدة كالمتهم المتفكر في شيء.
﴿ثُمَّ أَدْبَرَ﴾ عن الإيمان ﴿وَاسْتَكْبَرَ﴾ تكبر حين دعي إليه ﴿فَقَالَ إِنْ هَذَا﴾ ما هذا الذي يقرأه محمد ﴿إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ يروى ويحكى عن السحرة، ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾، يعني: يسارًا وجبرًا، فهو يأثره عنهما. قال الله تعالى: ﴿سَأُصْلِيهِ﴾ سأدخله ﴿سَقَرَ﴾ وسقر: اسم من أسماء جهنم، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ﴾، قال السدي: ﴿لَا تُبْقِي﴾ لهم لحمًا: ﴿وَلَا تَذَرُ﴾ لهم عظمًا. وقال مجاهد:


الصفحة التالية
Icon