عباس: متفرقًا آية بعد آية، ولم ينزل جملة واحدة. ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً﴾، قال ابن كثير: فالآثم هو الفاجر في أفعاله، والكفور هو الكافر قلبه. ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ إلى أول النهار وآخره: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً﴾، كقوله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً﴾.
﴿إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً﴾، يعني: يوم القيامة، ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ﴾، قال ابن عباس: خلقهم. وقال الحسن: يعني: أوصالهم، شددنا بعضهما إلى بعض بالعروق والعصب ﴿وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً﴾ كقوله تعالى: ﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً﴾.
وعن قتادة في قوله: ﴿إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ﴾ قال: إن هذه السورة تذكرة، ﴿فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ قال البغوي: وسيلة للطاعة. ﴿وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ﴾ أي: لستم تشاءون إلا بمشيئة الله عز وجل، لأن الأمر إليه ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾، قال ابن كثير، أي: عليم بمن يستحق الهداية فيسرها له ويقيض له أسبابها، ومن يستحق الغواية فيصرفه عن الهدى، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة، ﴿يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾.
* * *


الصفحة التالية
Icon