على ذلك، كما قال تعالى: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾. وقال عبد الله بن عمرو: إنا نحدث يومئذٍ: (أنها تخرج عنق من النار فتنطلق، حتى إذا كانت بين ظهراني الناس نادت: أيها الناس إني بعثت إلى ثلاثة، أنا أعرف منهم من الأب بولده: الذي جعل مع الله إلهًا آخر، وكل جبار عنيد، وكل شيطان مريد؛ فتطوى عليهم فتقذف بهم في النار).
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) ﴾.
قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرًا عن عباده المتقين الذين عبدوه بأداء الواجبات وترك المحرمات، أنهم يوم القيامة يكونون في جنات وعيون، أي: بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه من ظلل اليحموم، وهو الدخان الأسود المنتن، وقوله: ﴿وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ أي: من سائر أنواع الثمار مهما طلبوا وجدوا، ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، أي: يقال لهم ذلك على سبيل الإحسان إليهم. ثم قال تعالى مخبرًا خبرًا مستأنفًا ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ﴾، أي: هذا جزاؤنا لمن أحسن العمل ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾.
قوله عز وجل: ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠) ﴾.