لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}،
قال البغوي: ثم نزه نفسه فقال: ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ عما يقولون من الكذب ﴿فَذَرْهُمْ... يَخُوضُوا﴾ في باطلهم، ﴿وَيَلْعَبُوا﴾ في دنياهم ﴿حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾، يعني: يوم القيامة. ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾، قال قتادة: يعبد في السماء والأرض لا إله إلا هو ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ﴾ في تدبير خلقه، ﴿الْعَلِيمُ﴾ بمصالحهم. وعن مجاهد: قوله: ﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ﴾، قال: عيسى وعزير والملائكة. قوله: ﴿إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ﴾ قال: كلمة الإخلاص
﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ أن الله حق وعزير والملائكة يقول: لا يشفع عيسى وعزير والملائكة، ﴿إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ﴾ وهو يعلم الحق. وقال قتادة: الملائكة وعيسى والعزير قد عبدوا من دون الله، ولهم شفاعة عند الله ومنزله.
وقال ابن كثير: ﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ﴾، أي: من الأصنام والأوثان: ﴿الشفاعة﴾، أي: لا يقدرون على الشفاعة لهم، ﴿إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ هذا استثناء منقطع أي: لكن من شهد بالحق على بصيرة وعلم، فإنه تنفع شفاعته عنده بإذنه له. قال البغوي: وأراد بشهادة الحق قول: لا إله إلا الله كلمة التوحيد، وهم يعلمون بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم. ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ يصرفون عن عبادته: ﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ﴾، يعني: قول محمد - ﷺ - شاكيًا إلى ربه: ﴿يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾ قرأ عاصم، وحمزة: وقيله بجر اللام، على معنى: وعنده علم الساعة، وعلم: قيله يا رب إن


الصفحة التالية
Icon