النفخة الأولى، وقوله: ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾، يقول: النفخة الثانية. قال الحسن: أما الأولى: فتميت الأحياء، وأما الثانية: فتحي الموتى، ثم تلا: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ﴾. وعن قتادة: ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾، يقول: خائفة، وجفت مما عاينت يومئذٍ، ﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾، يقول: ذليلة.
وقوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ * أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً﴾، قال البغوي: يقولون - يعني: المنكرين للبعث، إذا قيل لهم إنكم مبعوثون من بعد الموت -؟ :﴿أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ﴾ ؟ قال ابن عباس يقول: ائنا لنحيا بعد موتتنا، ونبعث من مكاننا هذا؟ وقال قتادة: أي: مردودون خلقاً جديداً؟ وقال البغوي: ﴿أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ﴾، أي: إلى أول الحال وابتداء الأمر، فنصير أحياء بعد الموت كما كنا؟ تقول العرب: راجع فلان في حافرته، أي: رجع من حيث جاء، والحافرة عندهم اسم لابتداء الشيء وأول الشيء. وعن ابن عباس: ﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً﴾ فالنخرة: الفانية البالية. وعن قتادة: ﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً﴾ تكذيباً بالبعث ناخرة بالية ﴿قَالُوا
تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾، أي: راجعة خاسرة. قال ابن زيد: وأي كرّة أخسر منها؟ أُحْيُوا ثم صاروا إلى النار فكانت كرّة سوء.
﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ قال: الزجرة: النفخة في الصور ﴿فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ﴾ قال: ظهر الأرض فوق بطنها. قال قتادة: لما تباعد البعث في أعين القوم قال الله: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ﴾ يقول: فإذا هم على الأرض بعد ما كانوا في جوفها. قال البغوي: والعرب تسمي الفلاة ووجه الأرض: ساهرة، قال بعض أهل اللغة: تراهم سمّوها ساهرة لأن فيها نوم الحيوان وسهرها.