كثير: يقول تعالى: حقًا إن كتاب
الكفار ﴿لَفِي سِجِّينٍ﴾، أي: أن مصيرهم ومأواهم لفي سجين، مأخوذ من السجن وهو الضيق ولهذا عظم أمره فقال تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ﴾ أي: هو أمر عظيم، وسجن مقيم، وعذاب أليم. انتهى ملخصًا. وقال الزجاج في قوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ﴾، أي: ليس ذلك مما كنت تعلمه أنت ولا قومك.
﴿كِتَابٌ مَّرْقُومٌ﴾، قال البغوي: ليس هذا تفسير السجين، بل هو بيان الكتاب المذكور في قوله: ﴿إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ﴾، قال قتادة: رقم لهم بشرّ. ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾، قال ابن كثير: أي: ليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا إن هذا القرآن أساطير الأولين، بل هو كلام الله ووحيه، وتنزيله على رسوله - ﷺ - وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الرين الذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذنوب والخطايا، ولهذا قال تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: «إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب صقل منها، فإن عاد عادت حتى تعظم في قلبه فذلك الران الذي قال الله: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾. رواه ابن جرير. وعن قتادة: قوله:... ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ أعمال السوء: أي والله ذنب على ذنب وذنب على ذنب حتى مات قلبه واسود. وقال ابن