قوله عز وجل: ﴿حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ (٧) لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٨) ﴾.
عن قتادة: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾ ليلة القدر ونزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، ونزلت التوراة لست ليال مضت من رمضان، ونزل الإنجيل لثمان عشرة مضت من رمضان، ونزل القرآن لسبع وعشرين مضت من رمضان. وقال ابن زيد: أنزل الله القرآن في ليلة القدر من أم الكتاب إلى السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على النبي - ﷺ - نجومًا في عشرين سنة. وقيل للحسن: ليلة القدر في كل رمضان هي؟ قال: إي والله، إنها لفي كل رمضان، وإنها الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، فيها يقضي الله كل أجل وأمل ورزق إلى مثلها.
وقال ابن كثير: وقوله: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾، أي: في ليلة القدر، يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة وما يكون فيها ﴿أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾ قال ابن عباس: رأفة مني بخلقي ونعمة عليهم بما بعثنا إليهم من الرسل. قال ابن جرير: وقوله: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾، يقول: لا معبود لكم أيها الناس غير رب السموات والأرض وما بينهما، فلا تعبدوا غيره، فإنه لا تصلح العبادة لغيره، ولا تنبغي لشيء سواه.