قال البغوي: وهو ما نسخ الله تلاوته من القرآن، كما قال تعالى: ﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا﴾.
﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى * وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى﴾ قال ابن عباس: نيسرك لأن تعمل خيرًا ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ قال ابن كثير: أي: ذكر حيث تنفع التذكرة، ومن ها هنا يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله. ﴿سَيَذَّكَّرُ﴾ سيتعظ ﴿مَن يَخْشَى﴾ الله عز وجل ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا﴾، أي: الذكرى، ويتباعد عنها ﴿الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا﴾ فيستريح ﴿وَلَا يَحْيَى﴾ حياة تنفعه.
قوله عز وجل: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩) ﴾.
عن ابن عباس: قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى﴾، يقول: من تزكى من الشرك ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ يقول: الصلوات الخمس. وعن الحسن في قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى﴾ قال: من كان عمله زاكيًا. ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ قال قتادة: فاختار الناس العاجلة إلا من عصم الله.
﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴾ قال: تتابعت كتب الله كما تسمعون: إن الآخرة خير وأبقى. وعن أبي الخلد قال: (أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست ليال خلون من رمضان، وأنزل الزبور لاثنتي عشرة ليلة، وأنزل الإنجيل لثماني عشرة ليلة، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين). وفي