قوله عز وجل: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً (٤) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ (٦) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ (٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (١٠) لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (١١) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (١٢) فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦) ﴾.
قال ابن عباس: (الغاشية من أسماء يوم القيامة، عظمه الله وحذره عباده). ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾، قال قتادة: ذليلة، ﴿عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ﴾، قال الحسن: لم تعمل لله في الدنيا فأعملها في النار، ﴿تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾، قال: أنى طبخها منذ يوم خلق الله الدنيا. ﴿لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ﴾، قال ابن عباس: الضريع: الشبرق. قال عكرمة: هي شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض، فإذا كان الربيع سمتها قريش الشبرق، فإذا هاج العود سمتها الضريع ﴿لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ﴾.
﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ﴾ أي: يعرف النعيم فيها ﴿لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ﴾ قال سفيان: قد رضيت بعملها ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً﴾ قال ابن عباس: يقول لا تسمع أذى ولا باطلاً ﴿فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ﴾. أي: سارحة. قال ابن كثير: وهذه نكرة في سياق الإثبات وليس المراد بها عينًا واحدة، وإنما هذا جنس، يعني: فيها عيون جاريات ﴿فِيهَا
سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ﴾، قال ابن عباس: ألواحها من ذهب، مكللة بالزبرجد والدر والياقوت مرتفعة ما لم يجيء أهلها، فإذا أراد أن