وعن قتادة: قوله: ﴿فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ﴾ وحقّ له ﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ﴾ ما أسرع كفر بني آدم! يقول الله جلّ ثناؤه: ﴿كَلَّا﴾ إني لا أكرم من أكرمت بكثرة الدنيا، ولا أهين من أهنت بقلّتها، ولكن إنما أكرم من أكرمت بطاعتي، وأهين من أهنت بمعصيتي.
﴿بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً﴾، قال: الميراث، ﴿أَكْلاً لَّمّاً﴾، أي: شديداً. وقال بكر بن عبد الله: اللمّ الاعتداء في الميراث، يأكل ميراثه وميراث غيره. ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً﴾، قال قتادة: أي: حبًّا شديدًا.
قوله عز وجل: ﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (٢١) وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (٢٦) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠) ﴾.
قال ابن كثير: يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة، فقال تعالى: ﴿كَلَّا﴾، أي: حقاً، ﴿إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً﴾، قال ابن جرير: يعني: إذا رجت وزلزلت وحرّكت تحريكاً بعد تحريك، ﴿وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً﴾، يقول تعالى ذكره: وإذ جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفًا صفًّا بعد صفّ. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وزيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد جنَّهمُ وإنسهم، فإذا كان ذلك اليوم قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض، ولأهل السماء وحدهم أكثر