كثير: وللدار الآخرة خير لك من هذه الدار، ولهذا كان رسول الله - ﷺ - أزهد الناس في الدنيا وأعظمهم لها إطراحًا كما هو معلوم بالضرورة من سيرته. وعن قتادة: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾، وذلك يوم القيامة، ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى﴾ قال: كانت هذه منازل رسول الله - ﷺ - قبل أن يبعثه الله سبحانه وتعالى.
قال ابن كثير: وقوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى﴾ كقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾. وعن قتادة: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾ أي: لا تظلم ﴿وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ﴾ قال: ردّ السائل برحمة ولين ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ قال مجاهد: بالنبوّة. وعن أبي نضرة قال: (كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدّث بها).
* * *