الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: «يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفحلوا»، والناس مجتمعون عليه، ووراءه رجل وضيء الوجه أحول ذو غديرتين يقول: إنه صابئ كاذب، يتبعه حيث ذهب، فسألت عنه فقالوا: هذا عمّه أبو لهب.
وعن مجاهد: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾، قال: ما كسب ولده، وعن ابن عباس أنه رأى يومًا ولد أبي لهب يقتتلون فجعل يحجز بينهم ويقول: هؤلاء مما كسب. ﴿سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾، قال ابن عباس: كانت تحمل الشوك فتطرحه على طريق النبيّ - ﷺ -، ﴿فِي جِيدِهَا﴾، أي: عنقها ﴿حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾، قال ابن زيد: من شجر ينبت باليمن يقال له: مسد. قال الضحاك وغيره: في الدنيا من ليف، وفي الآخرة من نار.
وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: (لما نزلت: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة وفي يدها فهد وهي تقول: مذمّمًا أبينا ودينه قلبنا وأمره عصينا. ورسول الله - ﷺ - جالس في المسجد ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله قد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك، فقال رسول الله - ﷺ -: «إنها لن تراني». وقرأ قرآنًا اعتصم به، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً﴾، فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله - ﷺ - فقالت: يا أبا بكر إني أخبرت أن صاحبك هجاني، قال: لا وربّ هذا البيت ما هجاك؛ فولّت وهي تقول: قد علمت قريش أني ابنة سيّدها). رواه ابن أبي حاتم. والله أعلم.
* * *


الصفحة التالية
Icon